تقرير لوزارة الأسرى والمحررين :

ربع الشعب الفلسطيني تعرض للإعتقال

أكثر من ستين ألفاً اعتقلوا خلال إنتفاضة الأقصى

العجرمي: قضية الأسرى تقف على سلم أولويات الحكومة

 

رام الله 18-8-2007 وفا - أصدرت وزارة شؤون الأسرى والمحررين اليوم، تقريراً إحصائياً شاملاً أعده عبد الناصر عوني فروانة مدير دائرة الإحصاء في الوزارة، جاء فيه أن قوات الاحتلال إنتهجت أشكالاً عدة في اعتقالها للمواطنين الأبرياء وللمقاومين وأعضاء الفصائل المقاومة المختلفة.

وأكد التقرير أن الاعتقالات لم تقتصر على فئة أو شريحة محددة، بل طالت الطفل والشيخ والشاب، والفتاة والمرأة، كما طالت عائلات بأكملها مستخدمة كافة أساليب وأشكال الاعتقال بما فيها اجتياح المدن والقرى والمخيمات وتفتيش المنازل واتلاف وتخريب محتوياتها مصحوبة بمداهمات للجيش والدبابات والمصفحات وغطاء جوي من الطائرات ويرافقها إطلاق الرصاص بغزارة وهدم المنازل واقتلاع الأشجار، كما استخدمت قوات الإحتلال سياسة اختطاف المواطنين بشكل كبير عن طريق القوات الخاصة، وتحولت المعابر والحواجز العسكرية المنتشرة بكثافة على الطرق ومداخل المخيمات والمدن إلى كمائن لاصطياد المناضلين.

وبالنسبة لاعتقال النواب والوزراء، بين التقرير أنه لا زال في سجون ومعتقلات الاحتلال (46) نائباً ووزيراً سابقاً، اختطفتهم قوات الاحتلال من بيوتهم أو أماكن عملهم، وزجوا في السجون والمعتقلات، مؤكداً أن اختطافهم واستمرار احتجازهم، يشكل انتهاكاً فاضحاً لأبسط الأعراف والمواثيق الدولية، كما ويشكل أيضاً عدواناً سافراً على المؤسسات الشرعية الفلسطينية، وحقوق الإنسان وحصانة النواب والوزراء.

وأضاف التقرير أن قوات الإحتلال لم تكتف بذلك بل صعدت خلال إنتفاضة الأقصى من اعتقالها لأمهات وزوجات المطلوبين للضغط عليهم واجبارهم على تسليم أنفسهم، وكذلك اعتقال الأقارب والأصدقاء لنفس الغرض، أو لإجبار المعتقلين على الإعتراف، ومئات المرات هدموا بيوت عائلات المعتقلين أو المطلوبين كعقاب جماعي لعائلاتهم على ما قام به إبنهم.

وكشف تقرير وزارة الأسرى والمحررين، أنه خلال العقود الأربعة المنصرمة أي منذ العام 1967م وحتى اليوم، اعتقلت قوات الإحتلال الإسرائيلي قرابة ( 700 ) ألف مواطن، أي ما يقارب 25 % من إجمالي عدد السكان المقيمين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وهي أكبر نسبة في العالم بالإضافة لعشرات الآلاف ممن اعتقلوا واحتجزوا لساعات وأيام قلائل ومن ثم أطلق سراحهم، كما أنها اعتقلت أيضاً الآلاف من المواطنين العرب.

وأوضح التقرير أن هناك أكثر من ستين ألف أسير اعتقلوا خلال إنتفاضة الأقصى، التي اندلعت في 28 سبتمبر من عام 2000 .

وبين التقرير أنه خلال شهر تموز الماضي فقط ، اعتقلت قوات الإحتلال ( 670) مواطناً، منهم 620 مواطناً من الضفة والقدس ومناطق 48 ، و(50)  مواطناً من قطاع غزة، منهم من تم احتجازه لساعات وأيام قلائل، ومنهم من لازال محتجزاً في أماكن مختلفة.

ويبلغ عدد إجمالي الأسرى الآن قرابة أحد عشر ألف أسير، الغالبية العظمى منهم ( 9370 ) أي ما نسبته 85.2 % من مناطق الضفة الغربية، و ( 890) أي ما نسبته 8.1 % من قطاع غزة، و( 506 ) أي ما نسبته 4.6 % من القدس، و( 142) أي ما نسبت 1.3 % من فلسطينيي 48، والعشرات من الأسرى العرب من الجولان ولبنان ومصر والأردن، وهناك من تم اعتقالهم على خلفية اجتياز الحدود لأسباب مختلفة، ووضعتهم في عدة سجون منها النقب ونيتسان وبئر السبع.

وأضاف التقرير ان هؤلاء موزعون على قرابة ثلاثين سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف منها نفحة، ريمون، عسقلان، بئر السبع، شطة، جلبوع، الرملة، هشارون، هداريم، النقب، عوفر، مجدو، وهذه السجون والمعتقلات تشهد ظروفاً خطيرة من كافة النواحي، وتتناقض بشكل فاضح مع كافة المواثيق والإتفاقيات الدولية.

وأظهر التقرير أن غالبية الأسرى هم من الشباب ومن غير المتزوجين، وذلك رغم شمولية الفئات المستهدفة، إلاَ أن فئة الشباب كان لها النسبة الأكبر، وخاصةً ممن تتراوح أعمارهم ما بين ( 18-30 عاماً)، وأن قرابة ثلاثة أرباع المعتقلين ( 73 % ) هم من غير المتزوجين، في حين ( 27 % ) متزوجون.

ولفت التقرير إلى أن هناك (357 أسيراً ) معتقلون منذ ما قبل اتفاق "أوسلو" ولازالوا في الأسر، أي ما نسبته ( 3.3 % ) من إجمالي عدد الأسرى، منهم ( 142 ) أسيرا من الضفة الغربية، أي ما نسبته 39.6 % وأقدمهم وأقدم الأسرى عموماً هو الأسير سعيد العتبة (56 عاماً ) والمعتقل منذ 29-7-1977، والذي دخل عامه الواحد والثلاثين قبل أيام قلائل، ومنهم ( 139  ) أسيراً  من قطاع غزة، أي ما نسبته 38.7 % وأقدمهم سليم الكيال (55 عاماً ) والمعتقل منذ 30-5-1983.

وأضاف التقرير أن هناك ( 49 أسيراً ) من الأسرى القدامى، من أبناء القدس، أي ما نسبته 14.2 % وأقدمهم فؤاد الرازم، المعتقل منذ 30-1-1981 ، و( 22 أسيراً ) من مواطني أراضي 1948"، أي ما نسبته 6.1 %، وأقدمهم وأكبرهم سناً هو الأسير سامي خالد يونس، وهو متزوج ومعتقل منذ 5-1-1983 وقد تجاوز السبعين عاماً من عمره، و( 5 أسرى) عرب، أي ما نسبه 1.4 % وأقدمهم وعميدهم هو الأسير سمير القنطار، المعتقل منذ 22-4- 1979 ، بالإضافة إلى أربعة أسرى من الجولان السوري، وهم بشر وصدقي المقت، وسيتان وعاصم والي وجميعهم معتقلون منذ العام 1985.

وأوضح التقرير، أن هؤلاء القدامى هم جزء لا يتجزأ من الأسرى عموماً ويعيشون نفس الظروف القاسية، بالإضافة إلى أن طول فترة الإعتقال أدت لزيادة معاناتهم واستفحال الأمراض لديهم وتدهور وضعهم الصحي، ومنهم من أمضى من عمره في السجن أكثر مما أمضى خارجه، ومنهم من ترك أبناءه أطفالاً، ليلتقي بهم ويعانقهم وهم أسرى مثله خلف القضبان، ومنهم من فقد والديه وللأبد دون أن يقبلهم قبلة الوداع الأخير، والكثير منهم لم يرَ أحبة وأصدقاء له منذ لحظة اعتقاله، بل ونسى صورهم وصور وملامح جيرانه وحتى أقربائه ، لكن جميعهم يحيون على الأمل رغم الألم، وواثقون من يوم سيأتي حتماً ليروا فيه الحرية ووجوه أحبتهم بلا قضبان وقيود وبعيداً عن السجان.

وأوضح التقرير أن جميع الأسرى اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى،  باستثناء ( 543 أسيراً ) أي ما نسبته 5% ، كانوا معتقلين قبل ذلك، وما زالوا داخل الأسر .

وبين تقرير الوزارة أنه حين التوقيع على اتفاق أوسلو في سبتمبر 1993 كان في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ( 12500 ) أسير فلسطيني، وحينما اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000، لم يكن في السجون والمعتقلات الإسرائيلية سوى ( 1250) أسيراً فقط ، تحرر من تحرر وبقىّ منم فقط لحتى الآن (543 ) أسيراً .

وفيما يتعلق بالأطفال، أشار التقرير أن هناك أكثر من (6500 ) طفل، اعتقلوا منذ بداية انتفاضة الأقصى في 28 أيلول- سبتمبر 2000، منهم ( 318 ) طفلاً لا يزالون رهن الاعتقال، ويشكلون ما نسبته2.9 % .
وأشار إلى أن خمسة أطفال من الأسرى معتقلون إداريا دون تهمة، و( 165 طفلاً) موقوفون بانتظار المحاكمة، و( 148) طفلاً محكومون لمدد مختلفة، والعشرات منهم يحتاجون للعناية الطبية .

وذكر التقرير أن هناك أكثر من ( 450 ) أسيراً اعتقلوا وهم أطفال وتجاوزوا سن 18 داخل السجن ولا يزالون في الأسر، وبين أن حكومة الإحتلال الإسرائيلي تتعامل مع الأطفال الفلسطينيين بشكل مخالف للقواعد القانونية الدولية التي أقرها المجتمع الدولي ومن ضمنها اتفاقية حقوق الطفل، فمستقبل هؤلاء الأسرى الأطفال مهدد بالضياع والدمار.

وفيما يتعلق بالأسيرات، بين تقرير الوزارة، أن هناك قرابة (650 ) مواطنة اعتقلن خلال انتفاضة الأقصى، منهن ( 108) أسيرات لا زلن رهن الاعتقال، أي ما نسبته 1 % من إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين، وأن 6 أسيرات منهن لم يتجاوز عمرهن 18 عاماً .

ونوه التقرير إلى أن ثلاث أسيرات وضعت كل منهن مولدها داخل الأسر، خلال انتفاضة الأقصى وهن: ميرفت طه، ومنال غانم وقد تحررتا، وسمر صبيح، التي لا تزال في الأسر مع طفلها براء، الذي يعتبر أصغر أسير في العالم.

وذكر أنه في فبراير-شباط الماضي، وافقت إدارة سجن "تلموند" على إدخال الطفلة غادة جاسر زيتاوي، التي كانت تبلغ من العمر آنذاك 7 شهور إلى حضانة والدتها الأسيرة خولة محمد زيتاوي، وهي تعتبر أصغر أسيرة في العالم، حيث يسمح القانون الإسرائيلي للأم برعاية طفلها وإبقائه معها في السجن، حتى سن العامين فقط، ومن ثم يتم الفصل بينهما.

وفيما يتعلق بالسنوات التي قضاها الأسرى داخل السجون، أظهر التقرير أن هناك ( 211) أسيراً أمضوا أكثر من خمسة عشر عاماً، منهم (65 أسيراً ) أمضوا أكثر من عشرين عاماً، منهم ( 29 ) أسيراً من الضفة الغربية، ( 9 أسرى ) من قطاع غزة،( 12 أسيراً ) من القدس، و( 10 ) أسرى من مناطق الـ 48، و( 4 أسرى ) من الجولان السوري المحتل، و(أسير ) لبناني، و من بين هؤلاء، هناك ثمانية أسرى أمضوا أكثر من ربع قرن وأقدمهم الأسير سعيد العتبة المعتقل منذ 29-7-1977.

ونوه التقرير إلى أنه ومع نهاية العام الحالي يرتفع عدد الأسرى الذين أمضوا أكثر من 15 عاماً ليصل إلى ( 234 ) أسيراً ، كما سيصل عدد من أمضوا أكثر من عشرين عاماً إلى ( 73 ) أسيراً ، وهذا يستدعي من الجميع منح هؤلاء القدامى الأولوية .

وأوضح التقرير، أن هناك (4986) أسيراً محكوم، أي ما نسبته 45.3 % ، و(5154) أسيراً موقوف بانتظار المحاكمة، أي ما نسبته46.9 %، و( 860 ) معتقل إداريا، أي ما نسبته 7.8 % ، لافتاً إلى أن هناك قرابة ( 700 ) أسيراً، من بين الأسرى محكومين بالسجن مدى الحياة مرة واحدة أو عدة مرات .

وفيما يتعلق بالوضع الصحي للأسرى، لفت التقرير إلى أنه وبدون مبالغة، يمكن القول بأن كافة الأسرى يعانون من أمراض مختلفة، نتيجة للظروف القاسية التي تشهدها السجون، وأنه يوجد من بين الأسرى أكثر من ألف أسير يعانون من أمراض غاية في الصعوبة، وبعضها مزمنة مثل: أمراض القلب والسرطان والشلل، وأمراض نفسية، وهم بحاجة إلى علاج وأدوية وعمليات جراحية عاجلة.

وتطرق التقرير إلى قضية التعذيب في السجون الإسرائيلية، حيث أكد على أنها جريمة بحق الإنسانية، لافتاً إلى أن إسرائيل، هي الدولة الوحيدة في العالم، التي جعلت من التعذيب المحظور والمحرم دولياً بكل أشكاله الجسدية والنفسية قانونياً، وشرعته في مؤسساتها الأمنية والقضائية، ومنحته الغطاء القانوني، وبات نهج وممارسة يومية وجزء اساسياً من معاملتها للأسرى.

وذكر التقرير في هذا الصدد، أن أجهزة الأمن الإسرائيلي، مارست ضد الأسرى أشكالاً عدة من التعذيب الجسدي والنفسي مثل الضرب، الشبح، الهز العنيف، الوقوف فترة طويلة، العزل، الضغط على الخصيتين ، الضرب على الجروح، التكبيل على شكل موزة، والضرب على المعدة وعلى مؤخرة الرأس وغيرها.

وأكد التقرير أن جميع من يعتقلون يتعرضون لأحد أشكال التعذيب كالضرب والوقوقف فترات طويلة، وأن الغالبية العظمى يتعرضون لأكثر من شكل، بل ولعدة أشكال، خاصةً إذا طالت فترة الاحتجاز والتحقيق.

وبالنسبة لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية، بين التقرير أن هناك ( 190) أسيراً استشهدوا، منهم ( 70 ) أسيراً نتيجة التعذيب داخل أقبية التحقيق، أي ما نسبته 36.8 % ، و( 45 ) أسيرا نتيجة الإهمال الطبي، أي ما نسبته 23.7 % ، و( 75 ) أسيراً نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال، أي التصفية الجسدية وما يعادل 39.5 %.

وكان آخر من ألتحق بقافلة شهداء الحركة الأسيرة، هو الأسير شادي السعايدة ( 28 عاماً ) من مخيم المغازي بقطاع غزة، واستشهد بتاريخ 31-7-2007 في سجن نفحة الصحراوي نتيجة الإهمال الطبي، وبذلك يرتفع عدد من استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي خلال هذا العام إلى ثلاثة هم: بالإضافة إلى السعايدة، جمال حسن عبد الله السراحين ( 37 عاماً ) من بلدة بيت أولا شمال الخليل 16/1/2007 في معتقل أنصار 3 في النقب، وماهر عطا مصطفى دندن ( 38 عاماً ) من مخيم بلاطة بنابلس وذلك بتاريخ 9/6/2007 حيث كان يعاني من أزمة صدرية ولم يقدم له العلاج اللازم

يذكر، أن هناك مئات من الأسرى استشهدوا بعد التحرر، ويرجع ذلك لأمراض السجن والتعذيب وطول فترة الأسر.

وفي ختام التقرير، أكد السيد أشرف العجرمي وزير شؤون الأسرى والمحررين، أن قضية الأسرى هي قضية مركزية بالنسبة للشعب الفلسطيني، وهي في مقدمة أولويات الحكومة الفلسطينية والتي تبذل قصاري جهدها من أجلهم ومن أجل قضاياهم العادلة ومن أجل مساندتهم ودعم ذويهم ، وإن الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين يقف على سلم أولويات الحكومة، خاصة الأسرى القدامى الذين اعتقلوا قبل توقيع اتفاق اوسلو، والأسرى الأطفال والنساء والمرضى، والقادة السياسيين.

كما ناشدت وزارة الأسرى والمحررين، المجتمع الدولي بكافة مؤسساته، وخاصة الصليب الأحمر الدولي، إلى تكثيف عملها من أجل الأسرى وخاصة المرضى منهم، وإرسال مندوبيها لزيارة السجون والإطلاع عن كثب على الأوضاع المأساوية التي يعيشها الأسرى والتي تتناقض بشكل صارخ مع كافة الأعراف والمواثيق الدولية، مؤكدة أنه آن الأوان لأن يلتفت العالم أجمع لما يجري داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية