وزارة الأسـرى والمحرريـن

صرح شامخ وعطاء بلا حدود

 

 

بقلم / عبدالناصر عوني فروانة

22 أكتوبر 2007

 لست من الذين يرغبون بالحديث عن أنفسهم ولن أكون يوماً كذلك ، أوممن يكثرون من الحديث عن المؤسسات التي يعملون فيها والمدح بها ، ولكن حينما تجد نفسك محاطاً بعدد من الأصدقاء والزملاء وبعضهم من العاملين في بعض المؤسسات والبعض الآخر من الإعلاميين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان ، ويجهلون المؤسسة التي تعمل فيها ، وقتها تجد نفسك مضطراً للحديث عن المؤسسة التي تنتمي لها وتعمل تحت مظلتها ….

وهذا بالضبط ما حصل معي تماماً حيث جمعني لقاء قبل أيام مع مجموعة من الأصدقاء الذين أكن لهم كل الإحترام والتقدير ، وكالعادة تداولنا أحاديث عدة ولا أذيع سراً بالقول بأن حديث الساعة كان حول أحداث غزة المأساوية  ، وتمنينا جميعاً بأن تحمل الأيام القريبة أحداثاً سعيدة تنهي الحالة القائمة وتعيد اللحمة والوحدة للوطن الواحد وللشعب الواحد ، تحت مظلته التاريخية منظمة التحرير الفلسطينية  …

 ولكن ما دفعني للإستهجان هو أن أصدقائي يجهلون ما تقدمه وزارة الأسرى والمحررين من خدمات للأسرى وللأسرى المحررين  ، والأدهى من ذلك أن بعضهم أسرى محررين استفادوا من بعض خدماتها ، لكن لا يعرفون باقي التفاصيل ، الأمر الذي قادني للكتابة عن وزارة الأسرى والمحررين والتي أفخر بأنني أعمل فيها .

السلطة الوطنية الفلسطينية هي أول من أنشأت  وزارة كهذه على المستويين العربي والإسلامي

يقدر عدد الفلسطينيين الذين ذاقوا مرارة الأسر منذ العام 1967 ولغاية اليوم ، بحوالي ( 700 ) ألف مواطن ، وهؤلاء بمجموعهم شكوا جسد واطار واسع اسمه " الحركة الوطنية الأسيرة " انضوى تحت لوائه كل من اعتقل في السجون والمعتقلات الإسرائيلية حتى ولو ليوم واحد .

وعلى مدار المسيرة المظفرة للثورة الفلسطينية المعاصرة كانت الحركة الأسيرة -ولازالت - رقماً صعباً في معادلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي ، ورافداً هاماً ووقوداً للثورة الفلسطينية المعاصرة ، وخاضت تجارب عديدة ورائدة ، والتي شكلت بمجملها تاريخاً حافلاً مشرقاً بالرغم من قسوة الحياة الإعتقالية ومرارتها ، وغدى هذا التاريخ مفخرة وطنية من مفاخر الشعب الفلسطيني وارثاً عريقاً يجب صونه .

وخاضت خلال مسيرتها مئات المعارك البطولية خلف القضبان ، وآلاف المواقف الجريئة والأسطورية ، وقدمت  عشرات الشهداء خلف الأسر ، وخرجّت من جامعاتها آلاف القادة والكوادر وعشرات الآلاف من الجنود المقاتلين  ، وفي ساعات النضال الأرحب قدمت آلاف الشهداء ، فكان لهؤلاء جميعاً دوراً بارزاً ومميزاً في مسيرة العمل النضالي الفلسطيني وفي عملية البناء ، ووفاءً وتقديراً لهؤلاء الأسرى ولجيش الأسرى المحررين احتلت قضيتهم ولازالت مكانة مميزة على أجندة القيادة السياسية الفلسطينية ، وفي تطور نوعي وغير مسبوق وخلال جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 7/8/1998 قرر الأخ الرئيس ياسرعرفات أبى عمار رحمه الله ، إنشاء وزارة الأسرى والمحررين وتم تعيين الأخ المناضل النائب هشام عبد الرازق عضو المجلس التشريعي آنذاك والمنتخب عن محافظة شمال غزة ، وزيراً لها ، ويجدر الإشارة هنا بأن الوزير عبد الرازق هو أسير محرر أمضى في السجون الإسرائيلية ما يزيد عن عشرين عاماً ، واليوم الأخ المناضل أشرف العجرمي وزيراً لها وهو أيضاً أسير سابق أمضى أكثر من عشر سنوات في سجون الإحتلال .

وبذلك تكون السلطة الوطنية الفلسطينية قد إنفردت بإستحداث وزارة كهذه تعنى بالأسرى وبالأسرى المحررين  ، وهي بذلك أيضاً تكون أول من أنشأ وزارة كهذه على المستويين العربي والإسلامي ، وحتى ما هو قائم في الجزائر فهي وزارة المجاهدين القدامى  ، وهذا يعكس مدى  إهتمامالرئيس أبو عمار رحمه الله  و  القيادة الفلسطينية بقضية الأسرى عموماً ..

الأمر الذي فرض نفسه وبقوة في طرح مهام جسام وكبيرة على أجندة الوزارة ومن هنا عكف الوزير وطاقم الوزارة والدوائر المختلفة منذ اللحظة الأولى للعمل الجاد والإنطلاق صوب الأهداف التي أنشئت من أجلها  الوزارة ، وانشأ للوزارة مبنيين رئيسيين الأول في المحافظات الجنوبية وتحديداً في مدينة غزة ، والثاني في مدينة رام الله في المحافظات الشمالية ولتسهيل الإتصال بالجمهور افتتحت الوزارة لها  14 فرعاً آخر موزعين في محافظات الوطن المختلفة .

ويتركز عمل الوزارة  ونشاطها على  محاور رئيسية عديدة سأحاول تسليط الضوء على أبرزها  :

 أولا  : السعي للإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين جميعاً وبدون استثناء من سجون والمعتقلات الإسرائيلية ، من خلال إدارة الملف التفاوضي الخاص بالأسرى حيث أن وزير الأسرى هو رئيس اللجنة الفلسطينية المكلفة بالتفاوض حول موضوع الأسرى مع اللجنة الإسرائيلية ، وهذه مهمة معقدة في ظل الوضع السياسي الساخن والمعقد هو الآخر لكنها ليست بالمستحيلة ، فخلال السنوات التي سبقت انتفاضة الأقصى استطاعت السلطة الوطنية الفلسطينية ووزارة الأسرى من اطلاق سراح الآلاف من الأسرى والمعتقلين من خلال المفاوضات .

ولكن الظروف الآن معقدة وأعداد الأسرى في تزايد الأمر الذي يفاقم من صعوبة الإفراج عن كافة الأسرى ، وفي أكثر من مناسبة أكد  وزير الأسرى أشرف العجرمي أن قضية اسرى تقف على سلم أولويات الحكومة الفلسطينية ،  ولحين تحقيق ذلك تسعى الوزارة الى تحسين شروط حياتهم داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية سواء بالتباحث مع الجانب الإسرائيلي لضمان تطبيق القوانين والمعايير الدولية المتعلقة بالأسرى وخاصة اتفاقيات جنيف ، أو في تقديم كل اشكال الدعم والعون والمساندة لهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية.

 كما عمدت الوزارة على تأمين مواصلة التعليم الأكاديمي للأسرى وذلك من خلال المساعدة في الإلتحاق بالجامعات وتغطية نفقاتها المادية ولكن السلطات الإسرائيلية لم تسمح سوى بالإلتحاق بالجامعة العبرية عبر المراسلة ، وهناك الكثير من الأسرى ممن أنهوا دراستهم وحصلوا على شهادات جامعية مختلفة .

ولا تزال ملتزمة بصرف مبلغ مالي شهري للكنتينة لكل الأسرى الفلسطينيين والعرب بدون إستثناء وذلك كي يتمكنوا من توفير إحتياجاتهم الأساسية وشرائها من كنتينة السجن ( مقصف السجن ) ، ويقدر ما تصرفه الوزارة شهرياً قرابة ( 2.5 مليون شيكل ) للكانيتا فقط ، وأكثر من ( عشرة مليون شيكل ) كرواتب والتي سنأتي عليها لا حقاً _ الدولار = 4.06 شيكل .

 ثانياً : بذلت ولا زالت تبذل الوزارة جهودها من أجل التخفيف من معاناة ذوي الأسرى وأطفالهم ، وتقدم لهم الدعم المادي والمعنوي والخدماتي والمساعدات المختلفة لهم ولأبنائهم الطلبة في المدارس والجامعات وتنظيم أنشطة خاصة كالإحتفالات في المناسبات وتكريم ابناء الأسرى المتفوقين والإفطار الجماعي في رمضان وتوزيع هدايا عليهم في الأعياد ... إلخ كجزء أساسي من عملها وواجبها التي أنشئت من أجله .

وتتسلم أسرة الأسير راتب شهري من السلطة الوطنية افلسطينية وعبر وزارة الأسرى ، وهذه الرواتب تصرف لجميع الأسرى بدون  إستثناء أو تمييز ، بإعتبارهم جنوداً في هذا الوطن حيث يصرف للأسير الأعزب ( 1000 شيكل ) ، وإذا كان متزوجاً يصرف للزوجة  300 شيكل بالإضافة إلى ( 50 شيكل ) لكل ابن أقل من 18 عاماً ، ويصرف الراتب وفقاً لسلم رواتب خاص بالأسرى وحسب الفترة التي يمضيها الأسير .

 ونظراً لإختلاف مستوى المعيشة في مناطق فلسطين فإنه يصرف زيادة مبلغ ( 300 شيكل ) للأسير من القدس ومن فلسطينيي الداخل ، و( 100 شيكل ) للزوجة ... كما ويتم توفير تأمين صحي لأسرة كل أسير

وفي هذا الصدد لا بد وأن نشيد بقرار حكومة السيد د. سلام فياض المتمثل بصرف مبلغ ( 5000 $ ) إضافياً لكل اسرة أسير أمضى أكثر من عشرين عاماً ، كتكريم لهم وللتخفيف من معاناتهم .

وفي آيار من العام الحالي أعلنت وزارة شؤون الأسرى والمحررين , أنها قررت صرف راتب شهري لأبناء الأسيرات اللواتي أنجبن داخل المعتقل لمدة عامين وهي فترة الحضانة .

  كما واستطاعت ايضاً وخلال الأعوام الماضية من توفير 50 منحة للحج الى بيت الله الحرام سنوياً  لأهالي الأسرى في السجون من الدرجة الأولى والأولوية لذوي من أمضوا فترات أطول .

 والأمر لم يتوقف على ذلك ، ففي الأشهر الأخيرة كان هناك نشاط ملحوظ للوزارة ووزيرها العجرمي في استقبال الأسرى المحررين وذوي الأسرى ، وزيارات كافة المحافظات والإلتقاء بهم والإستماع لمشاكلهم ومطالبهم وهمومهم والعمل على مساعدتهم قدر الإمكان وحسب الإمكانيات المتاحة .

ثالثاً  : تولي الوزارة اهتمام بالغ بالأسرى المحررين واعادة تأهيلهم من خلال برنامج تأهيل الأسرى المحررين الذي يقدم خدمات عديدة كالتعليم الجامعي ، والتأهيل المهني ، والتأمين الصحي والدورات المختلفة في الكمبيوتر والحاسوب ، دورات صيانة للأجهزة المكتبية والراديو والتلفزيون والستلايت ، دورات تصوير فوتوغرافي وتليفزيوني ، دورات صحافة واعلام...إلخ بالإضافة الى توفير الالاف من فرص العمل على بند البطالة للأسرى المحررين العاطلين عن العمل والذين أمضوا أقل من خمس سنوات ، أما من أمضوا خمس سنوات فأكثر من الذكر ، وثلاث سنوات فأكثر من الإناث ، فيصرف لهم راتب شهري بحد أدنى ( 1400 شيكل - ما يقارب 350 $ ) وسقفه الأعلى ( 2000 شيكل _ ما يقارب 500 $ ) وما يحدده هي الفترة التي أمضاا الأسير المحرر في الأسر ، كما وتقدم الوزارة المساعدات المالية للأسرى فور تحررهم حسب الفترة التي أمضاها الأسير ، كما وتمنح الأسير المحرر إعفاءات من رسوم العلاج  في فلسطين او في الخارج وبالتنسيق مع وزارة الصحة الفلسطينية ، كما وأجرت عشرات عمليات المختلفة لأسرى محررين .

 رابعاً : العمل على توثيق تاريخ الحركة الأسيرة وتراثها وشهدائها وحمايته من الإندثار ، وأيضاً العمل على إعادة نشر إنتاجاتها الأدبية المتعددة من قصص وقصائد شعر .

 خامساً : منح قضية الأسرى الدعم والإسناد المحلي والعربي والدولي من خلال تسليط الضوء عليها عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ومن خلال المؤتمرات المحلية والعربية والدولية والإلتقاء بالسفراء والممثلين العرب والأجانب واصدار التقارير الإحصائية الشاملة والصحفية المستمرة والنشرات والبوسترات التي تعكس حجم معاناتهم ، وإحياء المناسبات الخاصة بالأسرى كيوم الأسيرالفلسطيني والعربي ، واليوم العالمي لمناهضة التعذيب ..إلخ وباشراك المؤسسات ذات الصلة .

سادساً : منذ اللحظات الأولى لإعتقال المواطن الفلسطيني تقدم الوزارة المساعدة القانونية له وتوكل أحد محاميي الوزارة لمتابعة ملفه ومتابعة قضيته من الألف الى الياء، وكما وتقدم مساعداتها القانونية للمعتقلين القدامى وزيارتهم باستمرار من قبل محاميي الوزارة ، وبالتنسيق والتعاون أيضاً مع المؤسسات المعنية الأخرى .

فوزارة الأسرى والمحررين هي صرح شامخ وعطاء بلا حدود واصبحت وبدون مبالغة القلب النابض للأسرى والمحررين … فهي القبلة التي تتجه اليها كل أنظار الأسرى والمعتقلون في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، و أنظار وآمال المحررين وتطلعات الأهالي ، هي البوتقة التي يفرغ فيها كل هؤلاء معاناتهم وإشكالاتهم ، وأنا شخصياً مررت بالمراحل كلها فعشت سنوات طوال من طفولتي إبناً لأسير ومن ثم أخاً لأسير ومن ثم أسير ،  وأشعر أكثر من غيري حقيقة الفارق الشاسع في الإهتمام ما  قبل قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية وما بعدها … وما  قبل إنشاء وزارة الأسرى والمحررين وما بعدها  ، وهذا غيض من فيض لما تقدمه وزارة الأسرى والمحررين .

 … وصدق الشاعر الدانمركي هالفدان غاسموسن بقوله في قصيدة له "ليس التعذيب ما يخيفني ولا السقوط النهائي للجسد، ولا فوهة بندقية الموت، او الظلال على الجدار ولا الليل عندما تندفع نحو الارض اخر نجمات الالم الشاحبة، ان ما يخيفني هو اللامبالاة العمياء للعالم عديم الرحمة فاقد الشعور " … 

 وهذا الخوف هو الذي يعاني منه الاسرى المحررون فور خروجهم من الأسر ، فهم يخافون من نسيان الناس لمعاناتهم في الاسر ولا مبالاتهم بما تعرضوا له من تعذيب جسدي ونفسي .

 ومن هنا ورغم ما تقدم أدعو السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة السيد د. سلام فياض ووزارة الأسرى والمحررين الى بذل مزيداً من الجهد والعطاء من أجل تحرير الأسرى وتكريم الأسرى المحررين ومساندتهم ،، وتفعيل القانون الخاص بهم و والمقر من قبل المجلس التشريعي بجلسته المنعقدة بتاريخ 22/12/2004م ، ومن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بتاريخ 27/12/2004م ، ونشره في الوقائع الفلسطينية في العدد الرابع والخمسون بتاريخ 23/4/2005م .

كما وأناشد الأمتين العربية والإسلامية بتقديم الدعم والمساندة لأسرى وذويهم ، مؤكداً أن هؤلاء ناضلوا وضحوا من أجل قضية عربية اسلامية ، وبالتالي دعمهم ومساندتهم والعمل على تحريرهم ، هو أيضاً واجب عربي واسلامي .

جداول توضيحية

     السلطة الوطنية الفلسطينية تصرف رواتب للاسرى داخل السجون وفقاً لسلم الرواتب التالي :

 

حسب المدة الفعلية التي أمضاها

المبلغ الذي يصرف شهرياً

أسير أعزب أمضى أقل من 5 سنوات

1000 شيكل

أسير أعزب أمضى 5 أعوام وأقل من عشرة أعوام

1300 شيكل

أسير أعزب أمضى 10 أعوام وأقل من خمسة عشر عاما

2000 شيكل

أسير أعزب أمضى 15 عام وأقل من 17 عام

2500 شيكل

أسير أعزب أمضى 17 عام وأقل من 20 عام

3000 شيكل

أسير أعزب أمضى 20 عام وأقل من 25 عام

3500 شيكل

أسير أعزب امضى أكثر من 25 عام

4000 شيكل

 

وإذا كان الأسير متزوج يضاف للزوجة مبلغ 300 شيكل شهرياً

ولكل طفل من أبنائه مبلغ 50 شيكل شهرياً

 

المبالغ التي تصرفها وزارة شؤون الأسرى والمحرّرين للأسرى المحرّرين الذين أمضوا أكثر من خمس سنوات

 

المدة التي أمضاها الأسير المحرر

الراتب الشهري للأسير الواحد

من أمضى أكثر 5  أعوام

( 1400  ) شيكل

من أمضى أكثر 6  أعوام

( 1500 ) شيكل

من أمضى أكثر 7  أعوام

( 1600 ) شيكل

من أمضى أكثر 8  أعوام

( 1700 ) شيكل

من أمضى أكثر 9  أعوام

( 1800 ) شيكل

من أمضى أكثر 10  أعوام

( 1900 ) شيكل

من أمضى 11 عامًا وما فوق

( 2000 ) شيكل