70 عاماً على اغلاق معسكر "أوشفيتز" النازي..!!

 

 

كتب / عبد الناصر فروانة

28-1-2015

 

صادف يوم أمس الاثنين الموافق السابع والعشرين من كانون ثاني/ يناير الذكرى السبعين لإغلاق معسكر أوشيفيتز ( Auschwitz ) النازي، أكبر معسكرات الإعتقال والموت والإبادة التي أنشأها نظام هتلر النازي والذي يُعتبر نقطة سوداء في تاريخ البشرية.

يوم أن دخلت القوات الروسية معسكر "أوشفيتز" الواقع جنوب مدينة كراكاو البولندية وحررته في مثل هذا اليوم من عام 1945 من يد الألمان منهيةً بذلك فصلاً من أحلك فصول الحكم النازي، وليدرج لاحقاً وبالتحديد عام 1979 كأحد مواقع التراث العالمي في بولندا ويُقدر عدد زواره سنوياً بأكثر من (700) ألف زائر .

و"إسرائيل" تحتفل بتحرير المعسكر وتُحيي هذه المناسبة، وتتعاطف معها دول أوروبية ودولية عديدة، كما وتشاركها الاحتفالات الأمم المتحدة ومؤسسات دولية عديدة، فيما وللأسف تواصل "إسرائيل" ذاتها احتجاز الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجونها سيئة الصيت والسمعة، وفي معسكراتها الإعتقالية قاسية الظروف.

والمفارقة أن الدول الأوروبية والمؤسسات الدولية بمختلف مسمياتها، لا تزال تتعامل مع الأسرى وحقوق الإنسان بمكيالين، فهي وفي الوقت الذي تبدي فيه تعاطفاً كبيراً مع اليهود وتشاركهم احتفالاتهم بإغلاق معسكر الاعتقال والإبادة "أوشيفيتز"، فإنها تغض النظر عما يحدث في سجون الاحتلال الإسرائيلي بحق آلاف الأسرى الفلسطينيين وتتجاهل معاناتهم، ولم تجرؤ على إلزام إسرائيل باحترام حقوقهم الإنسانية الأساسية، فيما عجزت عن إرسال مندوبيها للإطلاع عن كثب على الأوضاع المأساوية التي تشهدها تلك السجون والمعسكرات، وما يعانيه الأسرى عموماً والمرضى خصوصاً.

و أعتقد جازماً بأن شعبنا الفلسطيني سئم السجن والاعتقال،  حيث يُعتبر من أكثر شعوب العالم تعرضاً للاعتقال. إذ أن نحو 20 %  من أبنائه مروا بتجربة السجن وأمضوا فترات متفاوتة في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية، وأن المئات منهم أمضوا في سجون الاحتلال أكثر من عشرين عاماً بشكل متواصل ، فيما لا يزال نحو  6500 معتقل يقبعون في  قرابة 18 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف إسرائيلي، بينهم مئات الأطفال والنساء والنواب والجرحى والقيادات السياسية، وفقا لآخر احصائية لهيئة شؤون الأسرى.

 والأكثر ألماً أن من بين الأسرى هناك العشرات قد مضى على اعتقالهم عشرين عاماً وما يزيد، فيما بينهم المئات يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة وبحاجة الى علاج عاجل.

لهذا نشعر بالألم لبقاء كل هؤلاء في السجون، وندعو بهذه المناسبة المجتمع الدولي وكل الأحرار وأصحاب الضمائر الحية ودعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان أينما كانوا في إسرائيل أم في أوروبا، وفي العالم أجمع إلى الالتفات ولو قليلاً لما يجري داخل سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي على اختلاف أسمائها وتعدد أماكنها الجغرافية بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب من انتهاكات فظة ترتقي في كثير من الأحيان إلى جرائم إنسانية. والضغط على الحكومة الإسرائيلية لاحترام الاتفاقيات الدولية وتطبيقها في تعاملها مع الأسرى في سجونها ومعسكراتها الإعتقالية، على طريق تحريرهم وعودتهم لبيوتهم وأسرهم وإنقاذهم من خطر الموت أو الإصابة بالأمراض الخبيثة والخطيرة.

وفي الختام نتساءل بأنه إذا كان من حق إسرائيل إحياء هذه المناسبة والاحتفال بتحرير وإغلاق معسكر "أوشفيتز" ، فأليس من حقنا مطالبتها بإطلاق سراح أسرانا وإغلاق سجونها ومعتقلاتها والكف عما تمارسه بداخلها من انتهاكات بحقهم؟

وإذا كان من واجب الدول الأوروبية والمؤسسات الدولية مشاركتها احتفالاتها والوقوف بجانبها، فأليس من واجبها أيضاً أن تكف عن  ممارسات التمييز والكيل بمكيالين وازدواجية المعايير وثنائية المفاهيم في التعامل مع الأسرى وحقوق الإنسان ؟ .

أليس من واجبنا التمسك بحقنا المشروع بتحرير كافة أسرانا ، ومن حقنا المطالبة بإنهاء حقبة طويلة من السجن والاعتقال امتدت لعدة عقود مضت، والاحتفال بإغلاق كافة سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي ...؟؟

 

 تنويه: نشر هذا المقال في مثل هذا اليوم من العام المنصرم 2014 وأعيد نشره في الذكرى الـ70 مع بعض التعديلات الطفيفة. فاقتضى التنويه

عبد الناصر فروانة
أسير محرر ، و مختص في شؤون الأسرى
مدير دائرة الإحصاء بهيئة شؤون الأسرى والمحررين
عضو اللجنة المكلفة بادارة مكتبها بقطاع غزة
0599361110
0598937083
Ferwana2@gmail.com