فروانة في حديث خاص حول الأسرى المرضى والأوضاع الصحية في سجون الاحتلال لوكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)،

 

الباحث فروانة لـ(إينا): 150 أسيرا فلسطينيا بحاجة لعمليات جراحية عاجلة

 

القدس المحتلة 26 نوفمبر 2013م (إينا)- نحو 1500 أسير فلسطيني من أصل 4900 في سجون الاحتلال الإسرائيلي يعانون من أمراض مختلفة، كالعظام والمفاصل والغضروف والقرحة وفقر الدم والضغط والسكري، والأمراض الجلدية، وضعف السمع والنظر، والقلب والفشل الكلوي والشلل والأورام الخبيثة والسرطانية، بالإضافة إلى الإصابة بإعاقات جسدية وذهنية ونفسية وحسية.

 وفي حديث خاص لوكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)، قال الباحث المختص في قضايا الأسرى عبد الناصر فروانة، إن من بين الأسرى المرضى نحو 150 بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة لإنقاذ حياتهم، وإن من بين هؤلاء 23 حالة تعتبر في عداد الموتى، أمثال منصور موقدة ورياض العمور ومعتصم رداد وخالد الشاويش ومراد أبو معيلق ويسري المصري ونعيم شوامرة.

 وأضاف فروانة، وهو مدير دائرة الإحصاء في وزارة شؤون الأسرى والمحررين، أن 16 أسيراً يعانون من أمراض نفسية وعصبية، أمثال أسعد أسعد من سلفيت، وعلاء صلاح من القدس، وفضل كركي من الخليل، وكرم عيسى من نابلس.

 وأشار الباحث فروانة إلى أن 70 أسيراً يعانون من إعاقات جسدية (كاملة أو جزئية) وإعاقات ذهنية ونفسية، أو إعاقات حسية (سمعية وبصرية)، أمثال صلاح الطيطي ويوسف نواجعة ومحمد براش وناهض الأقرع، مؤكدا أن إدارة سجون الاحتلال لا تكتفي بعدم توفير احتياجاتهم الأساسية كالأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة والأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف والنظارات الطبية أو أجهزة خاصة بالمشي أو آلات الكتابة الخاصة بالمكفوفين وغيرها، بل تضع العراقيل أمام محاولات إدخالها من قبل وزارة شؤون الأسرى الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، وهذا يشكل عقوبة جديدة ومضاعفة ضد الأسرى وذويهم.

 وأضاف: بدلا من حماية الأسرى من خطر الإصابة بالأمراض وإبعاد شبح الموت عنهم، فإن الاحتلال يتفنن ويتعمد إلحاق الأذى بهم، ويواصل استهتاره بحياتهم، ما أدى لاستشهاد العشرات في السجون، وعشرات آخرين بعد خروجهم متأثرين بأمراض أصيبوا بها في السجون .

 وقال إن الأسرى المرضى يشكلون أكثر من رُبع عدد الأسرى، ولكن لو أجريت فحوصات شاملة على الآخرين، فإن الرقم سيتضاعف وسيصل إلى ما يزيد عن النصف.

 وتابع: إن الأعداد المتبقية من الأسرى وممن نعتقد أو يعتقدون هم بأنهم "أصحاء"، فلربما ينتقل جزء منهم أو غالبيتهم لينضموا إلى جيش المرضى في ظل استمرار وجود المسببات التي أدت وتؤدي إلى بروز وظهور الأمراض في سجون ومعتقلات الاحتلال.

 وأشار الباحث فروانة إلى أن 53 أسيرا فلسطينيا استشهدوا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967م جراء الإهمال الطبي، كان آخرهم الشهيد حسن الترابي الذي استشهد مطلع شهر نوفمبر الجاري، بالإضافة لعشرات استشهدوا بعد تحررهم بفترات وجيزة جراء أمراض ورثوها من السجون.

 واعتبر أن السبب الرئيس في الأمراض هو سوء الأوضاع الصحية داخل سجون ومعتقلات الاحتلال وافتقارها لعيادات مجهزة وأطباء مختصين وعدم توفر الأدوية اللازمة للمرضى، وقساوة الشروط الحياتية والمعيشية وسوء التغذية كماً ونوعاً وقلة العناصر الغذائية الأساسية فيه، والمعاملة اللا إنسانية، وسوء ظروف الاحتجاز، وإطالة فترات العزل الانفرادي، وعدم إجراء فحوصات طبية دورية للأسرى.

 وقال فروانة: في ظل الاعتقاد السائد باستخدام الأسرى بشكل فردي وجماعي كحقول لتجارب الأدوية، ووجود أكثر من نصف الأسرى في مناطق قريبة من مفاعل ديمونة والمناطق التي تدفن فيها مخلفاته، كلها مسببات لظهور الأمراض وعوامل كفيلة  بتحويل الأسرى الأصحاء إلى مرضى في أي لحظة، ما يجعل من أجساد الأسرى فريسة سهلة لمداهمة الأمراض بمختلف مسمياتها وأنواعها البسيطة والمستعصية، الحميدة والخبيثة، الخطيرة والمزمنة، وهذا ربما يُفسر التزايد المضطرد في أعداد الأسرى المرضى بشكل عام، واتساع انتشار الأمراض الغريبة والخبيثة في السنوات الأخيرة بين صفوف الأسرى .

 وتابع: مع مرور الوقت وتعداد سنوات الاعتقال، في ظل استمرار سوء الأوضاع الصحية، فإن الأمراض البسيطة التي تظهر على الأسرى والتي من الممكن علاجها إذا تم التدخل الطبي في الوقت المناسب وتقديم العلاج اللازم، وفي ظل استمرار سياسة الإهمال الطبي والمماطلة في تقديم العلاج، فإنها تتحول إلى أمراض مزمنة وخطيرة يصعب علاجها، بل يُستحال علاجها واستئصالها .

 وقال: اعتقد أن إدارة السجون ومن خلال هذه المنظومة من الاجراءات والانتهاكات تتعمد إلحاق الأذى بحياة وصحة الأسير وقتله نفسيا ومعنويا، وإن أمكن جسديا، أو توريثه بعض الأمراض تبقى تلاحقه لما بعد التحرر

 وتساءل الباحث المختص بقضايا الأسرى: بماذا نفسر استمرار تلك الأوضاع وتدهورها منذ سنوات وعدم استجابة إدارة السجون للنداءات والمناشدات العديدة، ورفضها السماح للجنة دولية محايدة لزيارة السجون والاطلاع عن كثب على الأوضاع الصحية وتقديم الرعاية اللازمة لجيش المرضى من الأسرى؟ وبماذا نفسر رفضها أيضا تقديم الرعاية للأسرى المرضى الذين يحتضرون في السجون أو السماح لوزارة الأسرى بعلاجهم وإدخال الأدوية لهم أو إدخال الأدوات المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة؟ وبماذا نفسر رفض الإفراج عن الأسرى المرضى، إلا من يصل إلى درجة ميئوس منها؟ لافتا إلىأن كل كل من أفرج عنهم لأسباب صحية توفوا بعد خروجهم بفترة وجيزة، حتى لا يتحمل الاحتلال مسؤولية وفاتهم في السجون .

 ومن خلال الشهادات والوقائع، اكد فروانة أن الإهمال الطبي بات سياسة متبعة وممنهجة من قبل إدارة سجون الاحتلال لمضاعفة معاناة الأسرى وإلحاق الأذى المتعمد بهم، وهذا يتناقض مع الاتفاقيات الدولية التي تلزم الدولة الحاجزة بتوفير كل الوسائل لحماية المحتجزين من خطر الموت أو الإصابة بالأمراض، فيما "إسرائيل" تتفنن في عمل العكس وإلحاق الضرر.

 ولمعالجة الأمور من جذورها، طالب فروانة المؤسسات كافة بالعمل على فضح ممارسات الاحتلال بحق الأسرى وتسليط الضوء على مسببات المرض الرئيسية وأسباب تفشيها واستفحالها.

 وقال: تقع علينا مهمة علاج الأسرى المرضى وإنقاذ حياتهم بشكل عاجل وسريع، وعلينا تغيير الواقع المرير في السجون بما يكفل عدم ظهور وبروز الأمراض وضمان التدخل الطبي في الوقت المناسب إذا استدعى الأمر ذلك.

 وكشق فروانة أن ما تسمى عيادات السجون تتحول في بعض الأحيان إلى أماكن للتحقيق والضغط والابتزاز، ويتحول الأطباء إلى محققين، من خلال استغلال حاجة الأسرى المرضى للعلاج والضغط عليهم ومساومتهم بتقديم العلاج مقابل الإدلاء بمعلومات عن ذواتهم أو عن زملائهم، أو مقابل الموافقة على طلبات إدارة السجن.

 وقال إن ملف الأسرى المرضى والأوضاع الصحية داخل سجون الاحتلال من أكثر الملفات ألما وقسوة، خاصة ونحن نتحدث عن أسرى يجمعون ما بين ألم القيد وقسوة السجان ووجع المرض في آن واحد، وتتكدس سجون الاحتلال بجيش من الأسرى المرضى، منهم من يرقدون بشكل دائم على أسرّة ما يُسمى مستشفى سجن الرملة لعدم قدرتهم على الحركة، أو لخطورة أوضاعهم الصحية، ومنهم من اقتربت ساعة وفاتهم، ومنهم من يتمنونها من شدة الألم.

 وطالب فروانة بتوفير الحماية الدولية للأسرى الفلسطينيين، وإلزام الاحتلال بتطبيق أحكام ومبادئ القانون الدولي الإنساني على الأسرى وإلغاء كافة تشريعاتها وقوانينها العسكرية التي تنتهك القانون الدولي، والإفراج الفوري عن كافة الأسرى المرضى من ذوي الحالات الخطيرة ووضع آليات قانونية لحماية الأسرى من خطر الموت والإصابة بالأمراض وضمان العلاج اللازم لمن يظهر عليه المرض.

 كما طالب بلجنة تحقيق دولية في الظروف الحياتية والمعيشية للأسرى وما يتعرضون له من انتهاكات جسيمة وفظة تتنافى وكافة المواثيق والأعراف الدولية.

( انتهى )

 خالد الخالدي 

 http://iinanews.com/ar/index.php/2012-07-01-21-55-01/19538-2013-11-26-10-26-11