غزة.. كفيف عبَرَ "بيت حانون" ليرى النور فوقع في ظلمات السجون

 

"قدس برس" 17-11-2015- كانت أمنية أحمد عبد ربه، وهو كفيف البصر، اجتياز معبر بيت حانون - ايرز شمال قطاع غزة للوصول إلى مشفى بالضفة الغربية لزراعة قرنية لإحدى عينيه كي يبصر فيها، دون أن يعرف أنه سيُعتقل من قوات الاحتلال التي تسيطر على المعبر، والتي أضافت لظلام عينيه، ظلامَ السجون.

عبد ربه واحد من عشرات المسافرين الفلسطينيين الذين تصطادهم قوات الاحتلال أثناء اجتيازهم معبر بيت حانون على الرغم من حصولهم على التصاريح اللازمة لذلك، وتبتزهم محولة هذا المنفذ الوحيد لسكان القطاع إلى "مصيدة" حقيقية، كما تصفه المؤسسات الحقوقية الفلسطينية.

بدأت قصة عبد ربه (31 عاما) مع المرض منذ سنوات حينما حصل تراجع كبير في نظره وأصبح لا يرى إلا قليلا، فتوجه إلى الأطباء في غزة وبعد إجراء الفحوصات اللازمة تبين انه يعاني من ضعف شديد في البصر.

وحصل عبد ربه والذي يقطن في بلدة جباليا شمال قطاع غزة على تحويلة رسمية من وزارة الصحة الفلسطينية من اجل الذهاب للعلاج في احد مشافي مدينة رام الله من اجل زراعة قرنية لإحدى عينه، على أن يعود بعد ذلك لزراعة قرنية أخرى للعين الثانية حتى يتمكن من الإبصار.

وخلال ذهابه للسفر عبر معبر بيت حانون الأحد (15|11) قامت قوات الاحتلال المتمركزة على المعبر باعتقاله، وذلك بحسب شقيقته مريم التي رافقته.

وقالت مريم لـ "قدس برس": "فوجئت بقيام جنود الاحتلال بإدخال شقيقي الضرير إلى غرفة التحقيق بالقوة بعد ضربه، وابلغوني مغادرة المعبر والعودة إلى غزة لأنه معتقل".

وأضافت: "إن أخي وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال، وحصل على كل الوثائق اللازمة من اجل اجتياز معبر بيت حانون للسفر لعمل عملية زراعة قرنية في عينه كي تمكنه من الرؤية".

وتابعت "لا اعرف سبب قيام قوات الاحتلال باعتقاله فأخي إضافة إلى انه يعاني من ضعف شديد في الإبصار فهو (قليل حيلة) ولا يمكنه قضاء حوائجه لوحده، كذلك من الضروري إجراء العملية له كي يستطيع أن يرى فهو لا يمكنه رؤية شيء على بعد أربعة أمتار".

ومن جهته اتهم النائب إسماعيل الأشقر، رئيس لجنة الداخلية والأمن في المجلس التشريعي الفلسطيني دولة الاحتلال باستغلال حاجات الشعب الفلسطيني سواء كانت اقتصادية أو إنسانية أو صحية من خلال ابتزازهم بطريقة غير إنسانية عبر معبر بيت حانون.

 وقال الأشقر لـ قدس برس": "هذا ما عهدناه عن الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948م وهو يحاول أن يستغل حاجات شعبنا الفلسطيني، ويستغل ضعفه لكي يحاول أن يدمر كل مكوناته، وهذا العدو غير أخلاق ومجرم، وشعبنا واعي ويعرف أن العدو يحاول أن يستغله ويبتزه". وفق قوله.

وأكد أنهم في المجلس التشريعي يحاولون أن يثقفوا أبناء الشعب الفلسطيني من خطورة السفر عبر معبر بيت حانون ويبينوا لهم حقيقة الأمر، وفي المقابل طالب مصر بضرورة فتح معبر حتى ينقذوا الشعب الفلسطيني من الاحتلال الذي معبره بات المنفذ الوحيد لسكان القطاع.

وقال: "لا يعقل أن يبقى الاحتلال هو المتحكم في رقاب أبناء الشعب الفلسطيني وأرزاقه وصحته، كان أولى في مصر أن تفتح معبر رفح الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي لأنه المعبر الأكثر أمنا والمحافظة على شعبنا".

 واعتبر أنه بفتح معبر رفح يستطيع أبناء الشعب الفلسطيني أن يقضوا مصالحهم بسهولة دون التعرض لمخاطر من قبل الاحتلال.

وعن محاولة الاحتلال الحصول على معلومات من خلال المسافرين عبر معبر بيت حانون مقابل السماح لهم بالسفر قال رئيس لجنة الداخلية والأمن في المجلس التشريعي الفلسطيني: "الاحتلال بعدما خرج من غزة أصبح يعيش حالة صعبة في التواصل مع العملاء وتم تجفيف منابع معلوماته بالتالي هو يستغل أي فرصة سواء من المرضى أو أصحاب المصالح أو الطلبة لتحديث معلوماته وبياناته وجمع معلومات عن المقاومة ورمزها وأماكن سكنهم وتحديث بنك أهدافه."

وأضاف: "هذا عدو لا نستغرب عليه القيام بذلك ولكن في المقابل يجب أن يكون أبناء شعبنا أكثر وعيًا وإدراكًا لذلك، وكذلك يجب على مصر أن تكون دائمًا بجانب شعبنا الفلسطيني وفتح معبر رفح لإنهاء هذه المعاناة".

ومن جهته قدّر عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة الأسرى والمحررين (وزارة الأسرى والمحررين سابقا)، عدد الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم عبر معبر بيت حانون منذ مطلع العام الجاري 2015 حوالي  خمسين فلسطينيًا.

وأوضح فروانة لـ "قدس برس" أن جل المعتقلين هم من التجار الذين اعتقل منهم 14 تاجرا في الربع الأول من هذا العام، كما أن من بين المعتقلين مرضى ومرافقين لهم، وطلاب، ومدرس كان في طريقه لمقابلة توظيف في قطر، وسيدة .

وكشف أن شهر أيلول / سبتمبر كان أكثر الأشهر اعتقالات، حيث تم خلاله اعتقال واحتجاز 18 مواطنًا، وان جميع من تم اعتقالهم كان لديهم تصريح مرور من قبل المخابرات الإسرائيلية.

واعتبر فروانة أن لهذه الاعتقالات تداعيات سلبية على الاقتصاد الفلسطيني، كما وأن اعتقال المرضى يشكل خطرا على حياتهم وأوضاعهم الصحية في ظل استمرار سياسة الإهمال في السجون.

وأشار إلى إخضاع المعتقلين للمساومة والابتزاز وبعضهم صدر بحقهم لوائح اتهام، محذرًا كل من له علاقة بالمقاومة وبفصائل المقاومة تجنب اجتياز معبر بيت حانون.

وقال: "إن سلطات الاحتلال كانت في أحيان كثيرة تتعمد عدم ذكر اسم شخص ما في لوائح الاتهام التي تخص أفراد مجموعته، ولم تكشف عنها من اجل استدراجه لاعتقاله، وقد نجح في مرات سابقة في ذلك".

وأضاف فروانة: "كل مقاوم ذُكر اسمه خلال تحقيقات قوات الاحتلال، أو لم يذكر اسمه، وله علاقة بأي قصة تخص المقاومة، عليه تجنب حواجز ومعابر الاحتلال حتى لا يسلم نفسه للاحتلال، ويزيد عدد المعتقلين في سجون الاحتلال ولربما يحكم عليه سنوات عالية".

واعتبر فروانة أن ضيق الخيارات ومحدوديتها في التنقل والسفر تدفع البعض للمجازفة، مشيرًا إلى هناك لم يتعرضوا للاعتقال قد أخضعوا للمساومة ومنها طلب الاحتلال منهم إغلاق حساباتهم على مواقع التواصل الاحتلال.

ومن جهته قال عصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، ان قوات الاحتلال تواصل فرض حصارها وإغلاقها المشددين على قطاع غزة، وتستغل سيطرتها وتحكمها المطلقين بالمعابر التي تربط قطاع غزة بالعالم الخارجي لتحولها إلى مصيدة للإيقاع بالفلسطينيين ووسيلة لابتزازهم والضغط عليهم.

وأشار يونس في حديثه لـ"قدس برس" أن الآونة الأخيرة شهدت تصعيداً لاعتقال التجار والمرضى وغيرهم ممن تدفعهم حاجاتهم الإنسانية والحياتية للسفر عبر معبر بيت حانون.

وندد بالانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مطالبًا المجتمع الدولي للتدخل ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة والذي يمثل جريمة مستمرة للعام الثامن على التوالي.

قال: "إن قوات الاحتلال تحاول أن تجمع معلومات من المسافرين حول فصائل المقاومة الفلسطينية وتخضع المسافرين للمساومة بين قبولهم بالتخابر لصالحها وتمكينهم من السفر للوصول إلى المستشفيات أو مزاولة أعمالهم التجارية أو غيرهم من الأغراض في انتهاك جسيم ومنظم لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان"

http://www.qudspress.com/index.php?page=show&id=12604