"فلسـطين اليوم".. قناة المقاومة وصوت الحق

 

 

              بقلم/عبد الناصر عوني فروانة

رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى

16-3-2016

 

ليس غريبا على دولة الاحتلال أن تقتحم المؤسسات الإعلامية، وأن تعبث في محتوياتها خرابا ودمارا، وليس من المستهجن أن تعتدي على طواقمها والعاملين فيها، أو أن تستهدف الصحفيين منهم بالقتل و الإصابة أو بالاعتقال، إذ ليس من طبعها أن تستجيب لنداء القانون الدولي وحقوق الإنسان الفلسطيني، أو أن تحترم حرية الرأي والتعبير، وإذ لم يكن هذا من طبعها، فلم يعد غريبا عليها أن لا تكتفي باعتقال الرجال المقاومين، بل تعدى ذلك إلى اعتقال باقي الفئات العمرية والمجتمعية والمهنية بمن فيهم الصحافيين والعاملين بمختلف المؤسسات الإعلامية.

 

إن دولة الاحتلال الإسرائيلي أدركت منذ زمن بعيد الدور الذي من الممكن أن تلعبه وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها في فضح سلوكها المشين وجرائمها المروعة وصورها البشعة التي تجسدها في تعاملها مع الفلسطينيين، وكذلك دورها في توجيه الشعب الفلسطيني والتأثير عليه وتعزيز صموده وتصليب إرادته وتعميم مقاومته، لذلك وظفت أجهزتها الأمنية المختلفة، وسخرت إمكانياتها الفائقة بهدف قمعهم وملاحقتهم وبث الرعب في نفوسهم والسعي إلى تحييدهم وتغييبهم وإخماد صوتهم وحجب صورهم المنقولة. فكبلت الصحافة بالأغلال ووضعت العراقيل أمام وصولهم إلى أماكن الحدث، وقيدت الصحفيين بالسلاسل والأصفاد، واقترفت –ولاتزال- بحقهم انتهاكات جسيمة وجرائم فظيعة.

 

نعم.. إن وسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة قد لعبت دورا هاما وبارزا في إظهار عدالة القضية وتعزيز مصداقية الرواية الفلسطينية، وأبدعت في فضح السلوك الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني ونقل الصور البشعة التي يجسدها الاحتلال بجرائمه بحق البشر والشجر والحجر، وأن دورها الوطني والإنساني هذا قد تفاقم خلال "انتفاضة القدس" بمهنية عالية، مما أربك الاحتلال وأزعج قياداته السياسية والأمنية، فتحركت القوات العسكرية -في محاولة يائسة لإخراس صوت الحق- وصعّدت من استهدافها لهم ووسعت من هجومها عليهم، فاقتحمت مؤسسات إعلامية عديدة في الضفة الغربية واعتدت على طواقمها وصادرت العديد من أجهزتها وأغلقت بعضها.

 

ومع استمرار عمل وسائل الإعلام وإصرارها على آداء دورها ومهمتها بوطنية ومهنية، وعدم اكتراثها بالإجراءات القمعية المتخذة من قبل الاحتلال، بل وتمكنها من تحقيق المزيد من النجاحات، فإن ذلك لم يرق للمستوى السياسي، فاجتمع "الكابينت الإسرائيلي" واتخذ قرارا خطيرا بمحاربة وسائل الإعلام، أكانت حزبية أو مستقلة، واتخاذ إجراءات أكثر قسوة بحق من يرى بأنها تمارس "التحريض" وتدعم الانتفاضة ومقاومة الاحتلال وتشجع على ديمومتها وتشكل خطرا على الرواية الإسرائيلية الزائفة،. فصبت جام غضبها على وسائل الإعلام وكانت قناة "فلسطين اليوم" الفضائية هي رأس الحربة. وهذا ليس بالأمر المستغرب أو المفاجئ لمن يتابعها.

 

"فلسطين اليوم" .. قناة رائدة في دعم المقاومة المشروعة، وصوت الشعب والقضية، وحاضنة الكل الفلسطيني، وشريك الأسرى وعوائلهم ومدافع أساسي عن حقوقهم، وصوت الحق الصادح والجريء. لذا فإن اقتحام مكتبها في رام الله والاعتداء على طواقمها واعتقال بعض مراسليها وحظر عملها في الضفة الغربية يشكل انتصارا لها، ويؤكد على نجاحها وصوابية رسالتها الإعلامية. فكل احترام وتقدير لـ "فلسطين اليوم" التي تؤكد يوما بعد يوم بأنها قناة فلسطين اليوم و كل يوم.

 

إن المتتبع لمسيرتها القصيرة زمنيا والعريقة فعليا والكبيرة تأثيراً، لا يحتاج لجهد كبير ولن يكلف نفسه أي عناء كي يكتشف أنها قناة فلسطين وقضايا الأمة، تدعم المقاومة والانتفاضة، وتحرض على الاحتلال وجرائمه على اعتبار أن التحريض على الاحتلال مقاومة، وأن قضية الأسرى تتصدر اهتماماتها وبرامجها ونشرات الأخبار فيها. فاستحقت احترامنا دون مجاملة أو محاباة، شأنها شأن العديد من القنوات الفضائية الأخرى، لذا فليس غريبا أن تحوز وتنال على هذا الدعم الكبير من التضامن والمساندة من قبل كافة أطياف المجتمع الفلسطيني وفصائله الوطنية والإسلامية عقب إغلاقها وحظر عملها في الضفة الغربية. لأنها تستحق ذلك ولأن الجميع يدرك أنها بداية مرحلة خطيرة وأن المستهدف هو الإعلام الفلسطيني المؤثر برمته. فاليوم قناة ؟فلسطين اليوم" وغدا ...... وبعد غد .......  

 

إننا إذ نتضامن مع قناة "فلسطين اليوم" الفضائية، ونستنكر ممارسات الاحتلال بحقها، وندين إغلاق مكاتبها في الضفة الغربية وحظر عملها هناك، فإننا نتضامن مع أنفسنا وقضيتنا ونساند زملائنا العاملين فيها، فهي كما نراها دوما، اليوم وكل يوم، هي لنا ولنا جميعا، ويجب دعمها ومساندتها، وحماية كافة المؤسسات الاعلامية الفلسطينية الأخرى (المرئية والمقروءة والمسموعة والالكترونية)، وعلى المجتمع الدولي التدخل لوضع حد للاستهداف الإسرائيلي المتصاعد بحق الاعلام الفلسطيني وكافة وسائل الاعلام الأخرى الفاعلة في فلسطين.

 

وتبقى "فلسطين اليوم" كما عرفناها وكما يجب أن تكون دوما، قناة الكل الفلسطيني، قناة المقاومة وصوت الحق

 

عبد الناصر فروانة
رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين
عضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤون الهيئة في قطاع غزة

أسير محرر ، و مختص في شؤون الأسرى
0599361110
0598937083
Ferwana2@gmail.com
الموقع الشخصي / #فلسطين_ خلف_ القضبان
www.palestinebehindbars.org

الفيسبوك : عبدالناصر فروانة

https://www.facebook.com/profile.php?id=100000660312796