أسرى القدس:

فلسطينيون في الزنازين وإسرائيليون في صفقات التبادل!

صلابة أشد من القيد

 ( الحلقة الثامنة )

الأسيران المقدسيان عبد الناصر وطارق الحليسي

الأسير طارق الحليسي الأسيرعبد الناصر الحليسي

فلسطين 26-5-2008

بين أزقة القدس لعبا, بعيونهم البريئة شهدا كيف ترتدي مدينتهم ثوب الحداد, حزينة على أقصاها, وأزقتها, وعلى منازلها القديمة, وعلى صورتها التي شُوهت, وعلى معالم حضارتها وتاريخها, على كل من كان يسميها, مدينة الصلاة .

في منزلهما القائم , بمحاذاة سور البلدة القديمة , كانا يشاهدان كيف تهدم بيوت حارة باب المغاربة على رؤوس أصحابها , وكيف حُوّل حائط البراق الى حائط للمبكى , وكيف يقتحم

الصهاينة حرمة المسجد الأقصى ويعيثون فيه فساداً.

نُبذة عن حياة الأسيرين

ولد الأسير عبد الناصر الحليسي في 27-2-1959, أما طارق وهو الشقيق الاصغر فولد في 10-2-1966.

وحكم عليهما بالسجن مدى الحياة, وقد أمضوا حتى الآن22 عاما متنقلين بين عدة سجون من بينها سجن عسقلان, ورامون و بئر السبع ... وباقي سجون الاحتلال الاسرائيلي .

واعتقل عبد الناصر وطارق الحليسي في 16-10-1986في يوم واحد.

حُلم كل فلسطيني ... عملية يؤلم بها الاحتلال

من رحم الالام ولدت فكرة عمليتهما, تنكرا بزي سائحين إيطاليين يتجولان في ساحة البراق , يحملان غيتارهما, ويعزفان الألحان الجميلة.

ضباط الصف في لواء جعفاتي ( المسؤول - القيادة الجنوبية) , يغادرون هم وأولياء أمورهم بعد انتهاء حفل تخرجهم , يخرج السائحان المزيفان قنابل كانت موضوعة داخل غيتارهما , ويمطرون الضباط بالقنابل, ثم ينسحبان دون أن يتعرف عليهما أحد.

الرواية الاسرائيلية تفيد أن قتيلا صهيونياً سقط وجرح حوالي 65 آخرون, أما شهود العيان من المقدسيين , فقد أفادوا أن أشلاء الجنود تناثرت , أن 10 قتلى قد سقطوا.

بعد خروجهم من ساحة العملية, عاد كل من عبد الناصر وطارق الى سيارتهما المركونة في حي سلوان , وهناك شك أحد الجواسيس بهما ثم تأكد من خلال سيارتهمانوع فولفو زيتية اللون.

لم يكن عبد الناصر وطارق الحليسي متأكدين من زمان العملية, فقد كانا ينقلان القنابل معهما يوميا في علبة الغيتار,علما بأن ضباط هذا الصف أنفسهم لا يُبلغون بموعد الحفل إلا قبل ثلاثة أيام , ولا يسمح لهم بدعوة من يريدون, بل يفرض عليهم دعوة ثلاثة أشخاص من العائلة فقط.

العملية كانت من تخطيط المكتب الغربي في حركة فتح, والذي كان يؤسس لسرايا الجهاد

الإسلامي, المسؤولة عن التخطيط لعدة عمليات منها التي كانت ستستهدف مبنى مجلس الوزراء الاسرائيلي وقد أُحبطت في لحظاتها الاخيرة.

12عاما في العزل الإنفرادي

هناك في سجن عسقلان , يقبع عبد الناصر في سجن العزل الإنفرادي, حيث تنتقم سلطات الاحتلال منه , لأنه أهانها بقدرته على إيذاء ضباط الصف في لواء جعفاتي, أهانها

بعناده وقوة شخصيته التي وجد الاحتلال نفسه عاجزاً عن كسرها وهو في السجن بين رفاقه الأسرى, فعمدت الى , وإيذائه جسدياً ونفسياً, في سجن منفرد منذ 12 عاماً.

في غرف العزل الانفرادي التي لا تتعدى مترا ونصف المتر, ولا تدخل الشمس ولا الهواء إليها ويحرم عبد الناصر = من أية وسائل تجعله يشعر بأنه متصل بطريقة ما بالعالم الخارجي , فسلطات الاحتلال تحرمهم من إدخال الصحف والمذياع كما تمنعه من ارتداء ساعة حتى لا يعرف الوقت, ففي هذا السجن يُقتل الأسير ببطئ, ويعيش عبد الناصر حالة نفسية صعبة

فهو محروم من الزيارة منذ سنوات, كما تفيد السلطات الاسرائيلية أنه مصاب بحالة نفسية تسمى بارانويا وهي أحد الأمراض الفصامية الخطيرة, وتبرر سلطات الاحتلال عزل عبد الناصر أنه صدامي ولا يتوانى لحظة عن ضرب من يحاول أذيته, وقد ضرب سجانيه عدة مرات, وأفاد أخوه أبو داوود أثناء لقائنا به أنه تم الإعتداء على عبد الناصر بالضرب بالجنازير الحديديه على راسه, ما خلف جرحا بليغا, مضيفاً أن غرف العزل الانفرادي هي بمثابة قبور للأحياء وأنه على الرغم من حالة عبد الناصر النفسية الصعبه فإنه يقضي وقته في الصلاة والركوع والسجود, وقد أتم حفظ القرءآن الكريم في الفترة الأخيرة.

هذا ما يدحض الرواية الاسرائيلية التي تدعي أنه خطير على رفاقه السجناء, ولا يعني ذلك أنه لا يحتاج الى علاج نفسي ودعم معنوي بشكل مستعجل , علماً أن عبد الناصر حائز على الحزام الاسود دان 2 في الكاراتيه, لذلك يخاف منه جنود الاحتلال

أما الأسير طارق فهو مسجون في رامون, وهويعاني من انسداد في شرايين قلبه ما يسبب له حالات من الإغماء والآلام شديدة ,و هو مصاب أيضا بالتهاب في مفاصله , وبحاجة الى علاج فوري, أما بشأن العملية الجريئة التي نفذها هو وعبد الناصر فقد قال طارق أثناء لقاء محامي مؤسسة القدس الدولية به "وجهتنا كانت لله تعالى والوطن , وليس من أجل إرضاء هذا الفريق أو ذاك وقد كنا أنا وعبد الناصر ننوي القتال حتى الاستشهاد" أما عبد الناصر فقال للمحامي إنه لا ينتمي في السجن لاي فصيل سياسي , وإنه مستقل .

أكمل طارق تعليمه تعليمه في السجن, وحصل على التوجيهي, ويتبادل هو ورفاقه السجناء العلم والمعرفة , كل حسب درجته العلمية ومعرفته وتحصيله الثقافي.

يشتكى طارق من إهمال المؤسسات, تجاه الاسرى المقدسيين بشكل عام وقد أبلغ محامي المؤسسةأن لا أحد يهتم, كما عبر عن حزنه لإبعاده عن شقيقه عبد الناصر, فهو دائم التفكير به ... ويتمنى أن يلقاه يوما خارج السجن أو على الأقل خارج العزل الانفرادي.

إنتصار... ذاكرة مقاوم

في ذلك العالم الذي لا يدخل إليه النور, تمر الثواني, الدقائق, الساعات والسنوات,دون أن يتغيرالعالم, يولد أطفال وأناس يموتون, يبحر الأسير في عقله, وفي متاهات نفسه,لا يمتلك سوى ذاكرته التي تعيده الى نفسه, في ذلك السجن يتعرض فيه الأسير لالام, يعيش الشقيقان

عبد الناصر وطارق على التخاطر الروحي منذ 12 عاماً, لكنهما مازالا صامدين صموداً يحير الصهاينه.

المصدر / مؤسسة القدس الدولية - بيروت

للتضامن مع الأسرى

رقم الفاكس :  00 961 -1751726

Email : info@alquds-online.org