( النص الحرفي للرسالة التي وجهناها لملتقى القدس الدولي في اسطنبول )

بسم الله الرحمن الرحيم

دعوة ملتقى القدس الدولي لتبني قضية الأسرى المقدسيين

 

الإخوة الأعزاء /  القائمون والمشرفون على ملتقى القدس الدولي ...

الإخوة  الأفاضل المشاركون في ملتقى القدس الدولي ...

الإخوة الحضور جميعاً كل باسمه ولقبه  ...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

 

أبرق لكم رسالتي هذه من فلسطين الحبيبة وتحديداً من غزة هاشم ، التي تخضع لحصار خانق لا مثيل له ، وأصبحت سجناً هو الأكبر والأكثر قسوة على مر التاريخ ، سجناً لم نسمع عن مثيله من قبل ، ومع ذلك يبقى الأمل حياً فينا ، وتبقى عيوننا ترنو إلى القدس الشريف تارةً ، وإلى الشرفاء من هذه الأمة تارةً أخرى .

الإخوة الأفاضل /

لقد وصلتني دعوتكم من أجل المشاركة في هذا الملتقى الرائع ، وكنت أتمنى أن أنال شرف الحضور والمشاركة في هذه التظاهرة العربية الإسلامية المسيحية الموحدة الضخمة من أجل القضية الفلسطينية و القدس بمساجدها وكنائسها ورمزيتها والتي أعتبرها فرصة تاريخية ونادرة لم تحدث منذ زمن ، وقد لا تتكرر في المدى القريب .

وبذلت جهوداً مضاعفة من أجل انجاز إجراءات السفر ، إلا أنها وللأسف لم تكلل بالنجاح ، نتيجة للظروف الإستثنائية التي يمر بها قطاع غزة .

الإخوة الأعزاء /

أخاطبكم وكلي ثقة بأنكم آذان صاغية ، لا سيما وأن حديثي يتركز على الإنسان المقدسي الأسير ، الذي يعاني أضعاف ما  يعانيه المواطن المقدسي المقيم في القدس ، ويعاني ضعف ما يعانيه الأسرى الآخرون.

نعم إخواني الأفاضل إن الأسرى المقدسيين يعانون آلام الأسر مرّتيْن، مرّةً لأنهم محرومون من حقّ المعاملة الدستوريّة التي يحصل عليها السّجناء الإسرائيليّون، ومرة أخرى محرومون من امتياز الأسرى الفلسطينيين بالإفراج عنهم في أيّ عمليّة تبادل للأسرى أو ضمن الإفراجات السياسية .

فسلطات الاحتلال تعتبرهم مواطنين مقيمين دائمين في دولة الاحتلال ، وتعتبر سجنهم والأحكام الصادرة بحقهم شأناً داخليّاً وأن قوانينها تنطبق عليهم مثلهم مثل السجناء اليهود لكنها لا تمنحهم نصف الحقوق التي تمنحها لمواطنيها وللسجناء اليهود ، ومن جانب آخر  ترفض أن يكونوا ضمن أي صفقة لتبادل الأسرى بينها وبين أي جهة فلسطينية كانت أو عربية، أوأن يكونوا موضوعًا للنقاش في عمليات التفاوض التي تتم بينها وبين السلطة الوطنية الفلسطينية .

وللأسف الشديد كافة الإتفاقيات الموقعة ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة الإحتلال ، كرَّست هذا الفهم ولم تأتي على ذكرهم بالمطلق ، واقتصر الأمر فيها على ذكر أسرى الضفة والقطاع .

كما أن صفقات التبادل الفلسطينية والعربية مع حكومة الإحتلال هي الأخرى استسلمت لهذا المنطق ورسخت المنطق الإسرائيلي في التعامل مع الأسرى المقدسيين .

بمعنى أن الأسرى المقدسيين تجاهلتهم كافة الإتفاقيات السياسية ، واستثنتهم كافة صفقات التبادل ( باستثناء عملية التبادل عام 1985 ).

هذا في الوقت الذي تَزج بهم في مقابر أعدت خصيصاً لقتلهم ببطء ، وسميت سجون ومعتقلات ، لكنها في حقيقة الأمر تفتقر لأبسط الحقوق الإنسانية الخاصة بالأسرى وفقاً للإتفاقيات الدولية والإنسانية ، وتعاملهم بنفس الأساليب الوحشيّة واللا إنسانيّة التي يُعامل بها بقيّة الأسرى الفلسطينيين .

 

الإخوة الحضور /

إن قضية الأسرى عموماً ، وقضية الأسرى المقدسيين خصوصاً ،  تمر في أخطر مراحلها ، وتعيش الحركة الأسيرة أصعب وأقسى ظروفها على الإطلاق ، ويتعرض فيها الأسرى لهجمة شرسة لم يسبق لها مثيل ، حتى أنها تمتد لتطال انجازاتهم والمساس بكرامتهم وشرفهم ،  الأمر الذي يتطلب استنهاض الهمم ، ومساندتهم ونصرتهم والوقوف بجانبهم في محنتهم بما يتناسب وحجم الخطورة التي يتعرض لها الأسرى .

وأناشدكم جميعاً  بوضع قضية الأسرى المقدسيين على جدول أعمال مؤتمركم ، وتبنيها بشكل واضح ، والعمل من أجل مساندتهم وتعزيز صمودهم بكل الوسائل الممكنة المادية والمعنوية والعمل على تحريرهم ، واعادة الإعتبار لقضيتهم ، لتغدو قضية عربية اسلامية مسيحية ، ومن ثم الضغط على المجتمع الدولي لإجباره على التحرك من أجل احترام حقوق الإنسان المقدسي الأسير ، وحقوق ذويه .

الإخوة الأعزاء /

وإذا كان من أهداف " الملتقى " تثبيت مبدأ الأحقية التاريخية للشعب العربي الفلسطيني في القدس وعموم فلسطين، وتبني مشروع شامل للتحرك الإنساني لتكريس حقنا في القدس وجميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ومواجهة مخططات التهويد الصهيوني والتمييز العنصري والتطهير العرقي، وتعزيز التفاهم الإسلامي المسيحي حول القدس وتعميق العمل المشترك لصون مقدساتها الإسلامية والمسيحية ، فأناشدكم مرة أخرى بوضع قضية الأسرى عموماً والأسرى المقدسيين خصوصاً ، كهدف إضافي .

وانتهز هذه المناسبة لأناشد فيها السلطة الوطنية الفلسطينية بادراج قضية الأسرى المقدسيين ضمن أي اتفاق سياسي قادم وعدم تكرار ما حدث في الإتفاقيات السابقة ، كما وأناشد فصائل المقاومة الفلسطينية ، ومنظمة حزب الله اللبنانية بأن لا تُبرم أي صفقة لتبادل الأسرى ، لا تتضمن وبشكل واضح وصريح إطلاق سراح الأسرى المقدسيين ، لا سيما القدامى منهم .

 

إخواني الأفاضل /

يقبع الآن في سجون الإحتلال الإسرائيلي قرابة ( 600 ) مواطن مقدسي ، منهم الطفل والعجوز ، الشاب والفتاة ، وعشرات المرضى ، وبينهم ( 49 أسير ) معتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو أي أن أقل واحد من هؤلاء أمضى أكثر من ثلاثة عشر عاماً ، فيما بينهم ثلاثة عشر أسيراً ( 13 أسير ) أمضوا أكثر من عشرين عاماً ، و يعتبر الأسير المقدسي فؤاد الرازم هو عميد الأسرى المقدسيين وأقدمهم ، حيث أنه معتقل منذ 30/1/1981 و مضى على اعتقاله أكثر من ربع قرن .

 

في الختام أعرب لكم عن ثقتي العالية بمؤسسة القدس الدولية وبكافة المؤسسات المشاركة في الملتقى والتي تعنى بشؤون القدس ، وبكم جميعاً كل في بلده وموقعه ومجال عمله ، بأن تمنحوا قضية الأسرى في سجون الإحتلال الإسرائيلي ما تستحقه من اهتمام خلال الملتقى وما بعد الملتقى ، وخصوصاً قضية الأسرى المقدسيين ، باعتبارهم جزء لا يتجزأ من أبناء القدس المحتلة .

 

مع فائق إحترامي وتقديري ،،

                                                               أخوكم

                                                                                 عبد الناصر عوني فروانة

                                                                                    أسير سابق وباحث متخصص بقضايا الأسرى

مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين

                                                                                    غزة- فلسطين - 14 نوفمبر 2007