الأسيرات الفلسطينيات....فولاذ لن يصدأ

 

اعداد / نيللي المصري

5 أغسطس 2007

 

المرأة الفلسطينية تحديدا المعتقلة واجهت الأمرين و صعوبات جمة من كافة الجوانب سواء كان على الصعيد الاجتماعي أوالصعيد السياسي أو غير ذلك، لكنها أصرت وبكل عزيمة وارادة ان تبقى شامخة لا مستسلمة للعنف والاضطهاد والارباك الذي تواجه بشكل يومي طيلة تاريخها، وان كان الاحتلال اهم الصعوبات والعقبات الذي استهدفها واعتقلها ونجحت في مواجهته والصمود امام جبروته وطغيانه، حتى اصبحت المعادلة الاقوى التي بات الاحتلال يخشاها ويحاول تصديها بكل ما أوتى من قوة و من خلال لجوئه الى اعتقالها وزجها في زنازيين احتلالية بكل ذل ومهانة بعيدة عن أسرتها وأبنائها لكسر عزيمتها و لكن هيهات فقد كانت له بالمرصاد وواجهت وتحملت أبشع الظروف ولم تتوان لحظة في أن تشارك الرجل في النضال من اجل الكرامة والشرف، وقد راهن الاحتلال على مدى قوة وتحمل المراة الفلسطينية المعتقلة فاستخدم شتى أنواع الضغط النفسي والتهديد بالاعتداء عليها من اجل إركاعها واستسلامها وتحويلها إلى إنسانة خالية المضمون معتبرها ضعيفة يمكن الاستفادة منها للحصول على معلومات وأسرار تتعلق بالثوار والمقاومين،، لكن سرعان ما اصبح رهانهم زائفا وذهب في مهب الريح وتصدت المعتقلة الفلسطينية لكل هذا الهوان دفاعا عن شرفها وعن قضية من اسمي القضايا الانسانية،وشكلت أعوام 67-71 سنوات قاسية جداً في تاريخ الحركة النسائية الأسيرة، وخاصة في بداية التجربة الاعتقالية وبدء النضال والكفاح للدفاع عن انفسهن داخل السجون من مخططات تدمير وتحطيم النفسية والإرادة الوطنية لدى الأسرى والأسيرات، وعلى اثر ذلك خاضت الاسيرات منذ بداية تجربة الاعتقال العديد من النضالات والخطوات الاحتجاجية والإضراب المفتوح عن الطعام، في سبيل تحسين شروط حياتهن المعيشية وللتصدي لسياسات القمع والبطش التي تعرضن لها.

 

احكام عالية والتهمة.. الانتماء للوطن

و خلال إنتفاضة الأقصى عام 2000 فقط اعتقلت قوات الإحتلال حسب احدى احصائيات(وزارة الاسرى والمحررين) الصادرة في مايو 2007 فإن قرابة ( 600 ) فتاة وسيدة ، متبقي منهن لحتى الآن ( 116 ) معتقلة ، ومنهن أمهات وأرامل ، آنسات وفتيات قاصرات تقل أعمارهن عن 18 عاماً ، و بعضهن محكوم عليهن أحكاماً عالية وصلت إلى المؤبد عدة مرات ، كالمعتقلة أحلام التميمي المحكوم عليها بالسجن المؤبد 16 مرة ، والمعتقلة قاهرة السعدي من جنين وهي أم لأربعة أطفال ومحكوم عليها بالسجن المؤبد 3 مرات و30 سنة ، والمعتقلات آمنة منى وسناء شحادة ودعاء الجيوسي اللواتي يقضين حكماً بالسجن المؤبد ، وغيرهن الكثيرات ، كما وأن هناك العديد من المعتقلات حكم عليهن بالسجن سنوات طوال كالمعتقلة سونيا محمود الراعي من قلقيلية والتي تقضي حكماً بالسجن ثلاثة عشر عاما

 

الامهات الآسيرات ينجبن في المعتقلات

ونوه تقرير وزارة الاسرى والمحررين إلى أن ثلاث أسيرات وضعت كل منهن مولدها الأول داخل الأسر، خلال انتفاضة الأقصىعام2000 وهن: ميرفت طه من القدس وضعت مولودها " وائل " بتاريخ  8 فبراير 2003 ، ولقد أطلق سراحها مع مولودها  في فبراير 2005 بعد قضاء فترة محكوميتها البالغة قرابة ثلاث سنوات، ومنال غانم التي أعتقلت في 17 نيسان 2003 من منزلها  في طولكرم ، ووضعت مولودها " نور " بتاريخ 10/10/2003، الذي انفصل عنها بعد أن بلغ العامين من عمره ، ولم تعد تراه إلا من وراء زجاج عازل وشبك سميك ، هذا إن سمح لأهلها بالزيارة ، وقد أطلق سراحها في الفترة ذاتها.

وسمر صبيح، التي لا تزال في الأسر مع طفلها براء، الذي يعتبر أصغر أسير في العالم بعد طفلة السبع شهور "غادة زيتاوي".

طفولة ضائعة خلف القضبان

فالطفل براء صبيح" شاءت الاقدار ان يولد داخل المعتقل، ويبدأ اولى ايامه بالاعتقال فوالدته الاسيرة سمر صبيح من مخيم جباليا للاجئين الفلسطيين بقطاع غزة اعتقلت في 29/9/2005 كانت حامل في شهورها الأولى ووضعت مولودها البكر " براء " في الثلاثين من نيسان عام 2006 ، بعملية قيصرية في مستشفى مئير في كفار سابا ، ومن ثم حكم عليها بالسجن لمدة ثمانية وعشرون شهراً  وهي لا تزال معتقلة ومعها طفلها  " براء "

 اما الطفلة غادة جاسر زيتاوي ابنة السبعة شهور، للأم فلسطينية أسيرة ولدت ولم تكن على موعد انها ستنشأ بشهورها الاولى خلف قضبان الاسر بعكس باقي اطفال العالم الذي يولدون بكنف اسرهم وينعمون بالعيش والتنفس بحرية ،اعتقلت والدتها (خولة محمد زيتاوي) بتهمة الوطنية ومقاومة الاحتلال وشاءت الظروف ان تبقى مع والدتها تواجه مرارة الاسر والاعتقال بعدما وافقت إدارة سجن "تلموند" على ذلك كون القانون الإسرائيلي يسمح للأم المعتقلة برعاية طفلها وإبقائه معها في السجن، حتى سن العامين فقط، ومن ثم يتم الفصل بينهما.

انتهاك سافر لحقوق الانسان

وخلال فترات الاعتقال هذه تعرضت الاسيرات لابشع انواع الذل والمهانة لشخصها وكرامتها ومعاناتها تفوق اي معاناة وتفوق اي وصف ممكن ان يذكر، فأن تنجب اسيرة داخل المعتقل مولودها خلف القضبان وتتم  عملية الولادة تحت حراسة عسكرية وأمنية مشددة وهي مكبلة الأيدي والأرجل بالأصفاد المعدنية ، ولم يتم إزالة هذه القيود إلاّ أثناء العملية فقط ناهيك عن الحرمان من ابسط حقوق الرعاية الصحية للام والطفل،، انه لانتهاك سافر لحقوق الاسيرة وحقوق الانسان الذي يتنافى مع كافة التشريعات والقوانين الدولية التي تتعلق بذلك،

 

وكان تقرير بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني اعده الباحث الفلسطيني عبد الناصر فروانة اوضح ان الاسيرات الفلسطينيات في المعتقلات الاسرائيلية يتعرض للمعاملة الإستفزازية من قبل السجانين والسجانات والإعتداء عليهن وتعرضهن للتفتيش المذل خلال خروجهن للمحاكم او للزيارات أو حتى من قسم لآخر ، وتعرضن للتحرش الجنسي والتفتيش العاري المذل ، واوضح التقرير ذاته انه يتم اقتحام غرفهن ليلاً وفجأة من قبل السجانين دون أن يتمكنَ من وضع المناديل كغطاء على رؤوسهن ، ولا يسمح لهن بممارسة الأشغال اليدوية أو التطريز أوإدخال أي شيء عن طريق الأهل له علاقة بذلك .

جدير ذكره أن هناك ست أسيرات معزولات انفرادياً في سجن الجملة منذ أشهر في زنازين انفرادية تحت الأرض ويعانين من أمراض جلدية مستعصية، كما الأسيرة آمنة منى تعيش حالة من عدم الاستقرار نتيجة نقلها وعزلها انفرادياً وبشكل مستمر. وبالنسبة لزيارات الأهالي، فهي محظورة إلى حد ما، وإذا ما حصلت فهي زيارات غير منتظمة ويتخللها العديد من المصاعب، بدءاً من ركوب حافلة الصليب الأحمر فجراً وانتهاء بالعودة في ساعات الليل المتأخرة.

صور وملاحم بطولية رسمتها ولازالت ترسمها الاسيرات داخل معتقلاتهن غيرآبهين بتلك الزنازين الانفرادية الحالكة الظلام التي لا يعرفون من خلالها النهار من الليل ووسائل القمع الاحتلالية يخوضون اقوى مراحل نضالهن رافعيين رؤوسهم من اجل قضيتهم فالشمس لا تغطى بغربال و ستشرق يوما في سمائهن لينعمن بالحرية كغيرهن من نساء العالم.